الشرائط المرسومة في المغرب واقع وأفاق

الشرائط المرسومة في المغرب واقع وأفاق لنضع تعريفا بسيطا للشرائط المرسومة يكون في متناول الجميع. الشرائط المرسومة ببساطة هي عبارة عن رسومات متتابعة متتالية تحكي لنا قصة غالبا ما تكون مصحوبة بنص.
وتأخذ أشكالا شتى من شريط واحد strip إلى صفحة كاملة إلي ألبوم كثير الصفحات.
من الناحية التاريخية هذا النمط من التعبير والتواصل بالصورة التي نعرفه عليها الآن قد ظهر وتطور خلال القرن العشرين. إلا أن المختصين يحيلون جذوره إلى ظهور الكتابة و رسومات ما قبل التاريخ و رسومات الفراعنة.....
غير أن الفن التاسع في صورته و شكله الحالي، يعتبر حديث الظهور، فإذا ما قارناه بباقي الفنون العريقة الأخرى كالمسرح و الرواية والتشكيل.فسنجده في صورة طفل صغير بجانب شيوخ أجلاء، هذا الطفل اليافع ضم في طياته مختلف الفنون الأخرى فأخذ من الحكي ومن المسرح و السينما و التشكيل وبنا لنفسه المكانة التي تليق به بين الفنون الأخرى .
تطور تاسع الفنون و ازدهر خاصة في الأقطاب الثلاثة الأكثر إنتاجا و استعمالا لهذا الفن، هذه الأقطاب هي اليابان و الولايات المتحدة ثم أوروبا خاصة بلجيكا و فرنسا، و لكل قطب أسلوبه الخاص في حياكته للشرائط المرسومة الذي يميزه عن باقي القطبين.
تعتبر الشرائط المرسومة وسيلة مهمة لنشر ثقافة هذه الشعوب و قيمها. فهو فن تربوي تثقيفي توعوي توجيهي ناهيك أنه فن مسل وممتع . و السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما موقع الدول العربية وخاصة المغرب في الخريطة العالمية لهذا الفن؟ كثير هي الدول التي تتوفر على منتوج محلي من فن الشرائط المرسومة خاص بها، و إن لم يصل للعالمية لكنه يحفظ للبلد خصوصيته الثقافية ولو نسبيا.أما نحن كعرب للأسف فمازلنا خارج هذه الخريطة لأننا لم نقدم لأنفسنا ولا للعالم شيئا يذكر خاصة مع غياب التكوين الاحترافي لهذا الفن. أما بالنسبة للمغرب، فقد كانت بادرة وزارة الثقافة بإدخال التكوين الاحترافي في مجال الشرائط المرسومة إلى المغرب بشراكة مع بلجيكا( الرائدة في هذا المجال) بادرة حسنة، أعطت ثمارها من ناحية تكوين وتأهيل فناني الأشرطة المرسومة بشكل احترافي، لكن من الناحية الإنتاجية و النشر، مازالت هناك مشاكل تعترض هذا الجانب وهذا شيء يؤسف له, خاصة وان الأشرطة المرسومة يمكن ان تلعب دورا رائدا في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و المحافظة على القيم المغربية في ظل ارتفاع نسبة الأمية و العزوف عن المطالعة لدى الشباب كما أن للمغرب تراث ثقافي و تاريخي عريق لا زال قابعا في رفوف علاها الغبار و نسجت العناكب عليها بيوتها.
و هنا مسؤولية الإعلام خاصة الجرائد والمجلات التي لا تلعب دورها في نشر ثقافة الفن التاسع في المجتمع المغربي، فالشرائط المرسومة أول ما ظهرت وانتشرت بفضل الجرائد اليومية والأسبوعية خاصة في أمريكا حيت كان التنافس شرسا بينها على أفضل الأعمال والرسامين، ذلك أن زيادة مبيعاتها ظل مرتبطا بجودة ونجاح الألبوم الذي تنشره علي صفحاتها كل أسبوع. بل كان يخصص ملحق أسبوعي لمنتوجات هذا الفن.

مقتطف من سلسلة «ليتل نيموا... » للأمريكي ونسور مكاي والذي لاقى نجاحا كبيرا على صفحات الجرائد الأمريكية استمر نشره حتى سنة 1926.

هذا التقصير من الإعلام وازاه تقصير آخر من دور النشر، برز من خلال ما أصدرته هذه الدور من مطبوعات موجهة للأطفال طغى فيها النص على حساب الصورة، و إن وجدت الرسوم فتكون غير ذات قيمة فنية بقلم رسامين هواة بدل ريشة احترافي فن الأشرطة المرسومة.

إن المهرجان الدولي للشرائط المرسومة بتطوان والذي ينظمه المعهد الوطني للفنون الجميلة تحت اشراف وزارة الثقافة, لعب دوراكبيرا في لفت الإنتباه الى هذا الفن بالمغرب و اتاح فرصة النقاش الصريح حول المعوقات التي تقف امام تطور هدا الفن بالمغرب, وقد دعا المهرجان أكثر من مرة إلى دعم نشر الأشرطة المرسومة وتشجيعها ماديا و بيداغوجيا، وطرحت كحل للخروج من ازمة النشر تظافر جهود كل الفاعلين في هذا المجال من وسائل لإعلام خاصة المكتوب منها و دور النشر و المؤسسات المالية و ألإقتصادية المغربية للعب دور إيجابي في هذا المجال كما أصدر في توصياته دعوة إلى فناني الأشرطة المرسومة وخريجي المعهد الى ربط انتاجاتهم بالواقع المغربي المعيش و التاريخي، و استغلال ما يزخر به المغرب من تراث حكائي شفهي و مكتوب ،يعكس الثقافة والقيم المغربية. و دعوة لوزارة الثقافة أو الحكومة لتخصص دعما ماديا لأعمال الشرائط المرسومة القيمة و مطبوعاتها مثل الذي خصص للأعمال السينمائية .دعما أعطت ثمارها حتى على الصعيد الدولي.

رغم هذه العوائق فاللوم يقع كذلك على هؤلاء الشباب الدين تفرقوا كل لحال سبيله، منهم من يكافح ضد التيار ومنهم من أخذه التيار معه،فلو تجمعوا ووضعوا إطارا قانونيا ينضمهم لسهل اختراق الحواجز الموضوعة في طريق هذا الفن الراقي والنبيل. والأمل يبقي كبير رغم كل شيء في وضع اللبنات الأولى لفن لشرائط المرسومة المغربية يكفي أن توجد الرغبة القوية والنية الصادقة لخدمة هذا الفن وبالتالي خدمة هذا المجتمع.

و مما يبشر بالخير هو بروز مهرجانات أخرى للأشرطة المرسومة من شأنها أن تعمل على الدفع بهذا الفن إلى الأمام ،فبعد الدار البيضاء هاهي مدينة القنيطرة تحتضن مهرجانها الجامعي الأول للأشرطة المرسومة و تنظمه جامعة ابن طفيل و هو يعد بالكثير. النالي سعيد أستاذ شعبة الأشرطة المرسومة بالمعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان